اسرار بريس عبد الرحيم أريري
أعادت الانهيارات الصخرية بممر تيشكا والعزلة التي عاشتها المنطقة في انتظار إرجاع حالة السير إلى وضعها العادي قضية استراتيجية وأمنية بالغة الخطورة،ألا وهي ربط الجنوب الشرقي للمملكة بباقي التراب الوطني، علما أن أقاليم زاكورة وورزازات وتنغير والراشيدية تمثل تقريبا خمس مساحة المغرب.
ورغم شساعة المساحة وغناها السياحي وتنوعه، فإن الحكومة والبرلمان مازالا لحد الساعة يرفضان إدماج إنجاز نفق تيشكا في الأجندة العمومية لتسهيل التنقل من وإلى الجنوب الشرقي من جهة ولضمان إنصاف مجالي لمنطقة ظلت مغيبة من الرادار العمومي لعقود من جهة ثانية.
خذ مثلا شريط تطوان طنجة الذي كان منسيا، فبقدرة قادر تم شق الأوطوروت وتم إنجاز الطرق السريعةبين تطوان والمضيق والفنيدق وتم إخراج المدار المتوسطي لحيز الوجود وتم توسيع الطرق الوطنية والجهوية وإعادة تكسيتها وتم إنجاز البدالات والأنفاق والقناطر،بل وتم استنبات خط سككي جديد، هذا دون الحديث عن الكورنيشات(من كورنيش) التي تمت تهييئتها على طول هذا الشريط.
طبعا المرء يسعد لهذه الانجازات المشرقة التي خرجت لحيز الوجود بشريط تطوان طنجة، في ظرف 10 أعوام بعدما توفرت الإرادة السياسية ، بحيث ذللت الصعاب أمام المونطاج المالي والمؤسساتي و"ناض القوق" للسلطة لتتبع هذه الأوراش لإخراجها في أبهى حلة وبسرعة قياسية. لكن- وهنا لا بد من لكن- المغرب ليس هو طنجة تطوان فقط، والحكومة المواطنة المسؤولة هي التي تنظر لكافة التراب الوطني بمنظار العدل المجالي حتى ينعم المغربي أينما وجد، بفضيلة التوزيع العادل للثروة، خاصة على مستوى تمكين الأحواض الجغرافية الكبرى من أنفاق و منشآت طرقية وفنية ذات جودة لضمان أبسط حق من حقوق الإنسان:ألا وهو الحق في التنقل.
لا يعقل -ونحن في القرن 21- أن يبقى 20 في المائة من التراب الوطني معزولا بسبب رفض الحكومة والبرلمان برمجة الاعتمادات اللازمة لإنجاز نفق تيشكا! لا يعقل أن تركز السلطات كل جهدها على شريط طنجة تطوان (رغم إيماننا بوجاهة حاجة هذا الشريط لتلك المنجزات) وتلغي من حساباتها باقي التراب الوطني !
مرت 18 سنة على طي سنوات الرصاص بالمغرب، لكن يبدو أن العقل العام للنخب السياسية والإدارية التي تدير الشأن العام ما زالت تتعامل مع زاكورة وورزازات وتنغير والراشيدية كمقبرة لرمي "النفايات البشرية"، مثلما كان عليه الحال في سنوات الجمر حيث،بدل زرع مشاريع تدر الثروة على البلاد والعباد تم زرع سجون سرية بأكدز وتاكونيت ومكونة والراشيدية.
فما الفائدة إذا تم دك هذه السجون السرية والاحتفاظ بعقلية من خطط لهذه السجون عبر الاستمرار في التمسك بنفس العقلية في التعامل مع سكان الجنوب الشرقي.
حان الوقت لنطوي الصفحة، صفحة الجمر السياسي مع الجنوب الشرقي، وأهم عربون لذلك أن تزف الحكومة للمغاربة مشروع بناء نفق تيشكا بتركيبته الهندسية والتمويلية وبآجالات قريبة محددة لفتحه في وجه العموم.
فازدياد مغاربة بالجنوب الشرقي لا ينهض كجريمة حتى نحرمهم من هذا المشروع !
تعليقات
إرسال تعليق